الثعلب والذئب
اتفق ثعلب وذئب علي أن يكونا صديقين، وأن يعيشا متجاوين
متعاونين في الخير والشر طول العمر. ثم خرجا لبيحثا عن منزل لكل واحد منهما ،
وذهبا في الحلاء . أما الذئب فوجد قريبا من غابة حجرة جديدة البناء لها سقف قوى ،
وباب من حشب . وكان أصحاب هذه الحجرة قد تر كوها وارتحلوا . ففرح الذئب بمنزله
الجديد ، وقال فى نفسه إنه منزل يصلح لى ولصديقي الثعلب.
وذهب الذئب إلى الثعلب وأخيره الحبر. فقال له الثعلب ،
لقد وجدت انا حجرة تصلح . فتعال لتنظرها . فلما ذهب الذئب ورأى حجرة الثعلب وجدها
حيطانا قائمة لاباب لها ولا سقف . وفى كل حائط شرم كبير . فقال الذئب للثعلب .
تعالى يا صاحبى معى لترى حجرتى. فلما ذهب الثعلب وراها وجدها جميلة مأمونة . قال
فى نفسه : اه ، لابد أن اخذه هذه الحجرة من الذئب.
ثم نادى الذئب وقال له : يا بن
العم ، إنك سيئ الحظ جدا ، لأن حجرتك هذه لا تنفع فى حال الحطر. فقال له الذئب :
وكيف كان ذلك ؟ فقال الثعلب : إذا كنت نائما وجاء إنسان وأراد أن يقتلك ووقف على باب الحجرة فإنك لا
تستطيع الحروج. ففكر الذئب فيما قاله الثعلب ، ثم سأله : وما ذا أصنع يا بن العم؟
فقال الثعلب خذ أنت حجرتى لآن شرومها كثيرة. وتستطيع أن تهرب بسرعة إذا هجم عليك
أحد . واخذ انا حجرتك . ففرح الذئب برأى الثعلب وذهب ليسكن فى حجرته ، ولما جاء
الليل هبت عواصف شديدة . ونزل المطر كالسيل حتى امتلآت حجرة الذئب ، ووصل إلى ركبه
وابتل هو بللا عظيما ، ولم يستطيع النوم أما الثعلب فإنه نام سعيدا مطمئنا داخل
الحجرة .
وفي الصباح ذهب الثعلب ليرى الذئب فوجده فى حال مؤلة .
مللا وملطخا بالطين والوحل. فغسل له جسمه ، وأو قد النار وأدفأه ، ثم قال له: لم
لم تجئ إلى حجرتي يا ابن العم؟ لقد انتظرتك طول الليل .
ثم خرج بعد ذلك للصيد ، فوجد قطيعا من الغم . فهجم الذئب
واختطف خروفا كبيرا سمينا . أما الثعلب فإنه اصطاد حملا صغيرا . فلما رأى الثعلب
خروف الذئب السمين قال له: إن خروفك يا ابن عمى كله صوف ، أما خروفى فطرى خفيف على
معدتك لآنك مريض من أمس فخذه وأعطنى خروفك. فقبل الذئب وأخذ حمل الثعلب . ولكن لما
أراد أكله لم يجد فيه إلا الحلد واعظيم، أما الثعلب فقد أكل من الحروف اليمين حتى
ملآ بطنة .
ثم قال الذئب للثعلب : يا ابن العم ، أنا لم أشبع ،
تعالى نذهب الى القرية اامجاورة ونبحث عن شئ لنأكله . فقال الثعلب : هيا بنا , ثم
ذهبنا معا للقرية المجاورة . فوجدا زريبة فيها غنم وبقرة . وعليها باب . فقال
الثعلب الذئب : إذا دخلنا معا وجاءت الكلب من هذا الباب فإنه لا يمكننا أن تخرج .
فالآحسن أن تدخل أنت أولا ، واقف أنا هنا لآحرسك . فصدق الذئب كلام الثعلب . ودخل
الزريبة . وقبل أن يهجم على الغم سمعه أصحاب البائم فجروا إليه بالعصى والعكازات .
ولما سمع الثعلب أصوات أصحاب الزريبة جرى هاوية الذئب فإنه أخذ يجرى ويصرخ، والناس
تجري وراه . حتى وصل إلى حجرته . وهناك بات طول الليل يعوى من رجله المكسورة.
وفي الصباح ذهب الثعلب الذئب ، وقال له: صباح الخير ،
كيف حالك ؟ فقال الذئب : ألا ترى كيف ضربونى وكسروا رجلى ؟ وأنا الان لاأستطيع
المشى إلا بمشقة وألم . فقال الثعلب للذئب: أنت جاهل ، كان يجب عليك أن تجري بسرعة
جريت أنا . ولكن أحمد الله فقد نجوت بحياتك . امكث هنا حتى أذهب إلى القرية وأصيد
لك شيئا تأكله. ثم ذهب الثعلب. وغاب طويلا
عن الذئب . ولما اشتد الجوع باالذئب خرج يبحث عن الثعلب. وبعد بحث طويل وجد
الذئب الثعلب قد وقع فى شرك . والتفت الحبال حول جسمه . فنظر الذئب إلى الثعلب .
وقال له: ماهذا الذى حول جسمك ؟ فقال الثعلب : هذه عقود للزينة و بطونها حولى .
فقال له الذئب : أنت حسن الحظ . من أين أجد أنا عقودا كهذه ؟ فقال الثعلب : تعالى
، وحل هذه العقود والبسها وأنا أجد غيرها . فضحك الذئب وقال: ها ها لقد عرفت حيلك
يا مكار . هذا هو الشرك الذى يصيد المكار مثلك. انتظر فى عقودك الجميلة إن شئت.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar